الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
(345) سئل فضيلة الشيخ - حفظه الله تعالى -: عن البدعة؟ فأجاب قائلاً : البدعة قال فيها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ثم إن البدع في الحقيقة هي انتقاد غير مباشر للشريعة الإسلامية ؛ لأن معناها أو مقتضاها أن الشريعة لم تتم،وأن هذا المبتدع أتمها بما أحدث من العبادة التي يتقرب بها إلى الله كما زعم. فعليه نقول: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، والواجب الحذر من البدع كلها وألا يتعبد الإنسان إلا بما شرعه الله ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ليكون إمامه حقيقة لأن من سلك سبيل بدعة فقد جعل المبتدع إماماً له في هذه البدعة دون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، . (346) وسئل : عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة ؟ وما معنى قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : فأجاب بقوله : البدعة شرعاً ضابطها " التعبد لله بما لم يشرعه الله" ، وإن شئت فقل : "التعبد لله - تعالى بما ليس عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا خلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله- تعالى-: وليس في الدين بدعة حسنة أبداً ، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع ، وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها، أو يبعثها بعد تركها ، أو يفعل شيئاً يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء: الأول : إطلاق السنة على من ابتدأ العمل ويدل له سبب الحديث فإن النبي، صلى الله عليه وسلم ، حث على التصدق على القوم الذين قدموا عليه ، صلى الله عليه وسلم ، وهم في حاجة وفاقة ، فحث على التصدق فجاء رجل من الأنصار بصرة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي ، عليه الصلاة والسلام ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم ، : الثاني : السنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه: سنها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده. الثالث: أن يفعل شيئاً وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا داخل في قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : (347) وسئل فضيلة الشيخ : كيف يتعامل الإنسان الملتزم بالسنة مع صاحب البدعة؟ وهل يجوز هجره؟ . فأجاب بقوله : البدع تنقسم إلى قسمين : بدع مكفرة ، وبدع دون ذلك وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق لأن الله - تعالى - قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة ، فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجره ، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره ؛ إن كان في هجره مصلحة فعلناه ، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه ، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : فإن قال قائل : يرد على ذلك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، هجر كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك؟ فالجواب : أن هذا حصل من النبي، صلى الله عليه وسلم ، وأمر الصحابة بهجرهم لأن في هجرهم فائدة عظيمة ، فقد ازدادوا تمسكاً بما هم عليه حتى إن كعب بن مالك - رضي الله عنه- جاءه كتاب من ملك غسان يقول : فيه بأنه سمع أن صاحبك - يعني الرسول، صلى الله عليه وسلم - قد جفاك وأنك لست بدار هوان ولا مذلة فالحق بنا نواسك . فقام كعب مع ما هو عليه من الضيق والشدة وأخذ الكتاب وذهب به وأحرقه في التنور . فهؤلاء حصل في هجرهم مصلحة عظيمة ، ثم النتيجة التي لا يعادلها نتيجة أن الله أنزل فيهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة قال- تعالى - : (348) وسئل فضيلة الشيخ : كيف نرد على أهل البدع الذين يستدلون على بدعهم بحديث فأجاب بقوله : نرد على هؤلاء فنقول : إن الذي قال : ولو كان معنى الحديث أن الإنسان له أن يشرع ما شاء ، لكان الدين الإسلامي لم يكمل في حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولكان لكل أمة شرعة ومنهاج ، وإذا ظن هذا الذي فعل هذه البدعة أنها حسنة فظنه خاطئ لأن هذا الظن يكذبه قول الرسول ، عليه الصلاة والسلام : (349) وسئل - حفظه الله- : عن حكم إظهار الفرح والسرور بعيد الفطر وعيد الأضحى؟ وبليلة السابعة والعشرين من رجب؟ وليلة النصف من شعبان؟ ويوم عاشوراء؟. فأجاب فضيلته بقوله: أما إظهار الفرح والسرور في أيام العيد عيد الفطر أو عيد الأضحى فإنه لا بأس به إذا كان في الحدود الشرعية ومن ذلك أن يأتي الناس بالأكل والشرب وما أشبه هذا وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب ، أو ليلة النصف من شعبان أو في يوم عاشوراء، فإنه لا أصل له وينهى عنه ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : وأما يوم عاشوراء فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن صومه فقال: (350) وسئل فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء : عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فأجاب قائلاً : أولاً : ليلة مولد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ليست معلومة على الوجه القطعي ، بل إن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول وليست ليلة الثاني عشر منه، وحينئذ فجعل الاحتفال ليلة الثاني عشر منه لا أصل له من الناحية التاريخية. ثانياً : من الناحية الشرعية فالاحتفال لا أصل له أيضاً لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبي ، صلى الله عليه وسلم، أو بلغه لأمته ولو فعله أو بلغه لوجب أن يكون محفوظاً لأن الله- تعالى- يقول : فنقول :هذا الاحتفال إن كان من كمال الدين فلا بد أن يكون موجوداً قبل موت الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، وإن لم يكن من كمال الدين فإنه لا يمكن أن يكون من الدين لأن الله - تعالى - يقول : وهذه البدعة - أعني بدعة المولد - حصلت بعد مضي القرون الثلاثة المفضلة وحصل فيها ما يصحبها من هذه الأمور المنكرة التي تخل بأصل الدين فضلاً عما يحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات.
(351) وسئل فضيلة الشيخ :عن الفرق بين ما يسمى بأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - والاحتفال بالمولد النبوي حيث ينكر على من فعل الثاني دون الأول؟ فأجاب بقوله : الفرق بينهما حسب علمنا من وجهين : الأول : أن أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - لم يتخذ تقرباً إلى الله - عز وجل - وإنما يقصد به إزالة شبهة في نفوس بعض الناس في هذا الرجل ويبين ما من الله به على المسلمين على يد هذا الرجل. الثاني: أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لا يتكرر ويعود كما تعود الأعياد، بل هو أمر بين للناس وكتب فيه ما كتب ، وتبين في حق هذا الرجل ما لم يكن معروفاً من قبل لكثير من الناس ثم انتهى أمره. (352) وسئل : عن حكم إقامة الأسابيع كأسبوع المساجد وأسبوع الشجرة؟. فأجاب بقوله : هذه الأسابيع لا أعلم لها أصلاً من الشرع وإذا اتخذت على سبيل التعبد وخصصت بأيام معلومة تصير كالأعياد فإنها تلتحق بالبدعة ؛ لأن كل شيء يتعبد به الإنسان لله - عز وجل - وهو غير وارد في كتاب الله ولا في سنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فإنه من البدع . لكن الذين نظموها يقول :ون : إن المقصود بذلك هو تنشيط الناس على هذه الأعمال التي جعلوا لها هذه الأسابيع وتذكيرهم بأهميتها . ويجب أن ينظر في هذا الأمر وهل هذا مسوغ لهذه الأسابيع أو ليس بمسوغ؟ (353) وسئل أيضاً : عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم؟ فأجاب قائلاً : إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضاً ، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله - سبحانه وتعالى - ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام ؛ وهي عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع "يوم الجمعة" وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة ، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله - سبحانه وتعالى- لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ، :
(354) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إقامة أعياد الميلاد للأولاد أو بمناسبة الزواج؟ فأجاب بقوله : ليس في الإسلام أعياد سوى يوم الجمعة عيد الأسبوع ، وأول يوم من شوال عيد الفطر من رمضان ، والعاشر من شهر ذي الحجة عيد الأضحى وقد يسمى يوم عرفة عيداً لأهل عرفة وأيام التشريق أيام عيد تبعاً لعيد الأضحى. وأما أعياد الميلاد للشخص أو أولاده ، أو مناسبة زواج ونحوها فكلها غير مشروعة وهي للبدعة أقرب من الإباحة. (355) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم أعياد الميلاد؟ فأجاب بقوله : يظهر من السؤال أن المراد بعيد الميلاد عيد ميلاد الإنسان ، كلما دارت السنة من ميلاده أحدثوا له عيداً تجتمع فيه أفراد العائلة على مأدبة كبيرة أو صغيرة. وقولي في ذلك أنه ممنوع لأنه ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحى ، وعيد الفطر من رمضان ، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:كان لأهل الجاهلية، يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي ، صلى الله عليه وسلم، المدينة قال : (356) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إقامة حفل توديع للكافر عند انتهاء عمله؟ وحكم تعزية الكافر؟ وحكم حضور أعياد الكفار؟ . فأجاب بقوله : هذا السؤال تضمن مسائل : الأولى : إقامة حفل توديع لهؤلاء الكفار0 لا شك أنه من باب الإكرام أو إظهار الأسف على فراقهم ، وكل هذا حرام في حق المسلم قال النبي ، صلىالله عليه وسلم : المسألة الثانية : تعزية الكافر إذا مات له من يعزى به من قريب أو صديق . وفي هذا خلاف بين العلماء فمن العلماء من قال : إن تعزيتهم حرام ، ومنهم من قال : إنها جائزة . ومنهم من فصل في ذلك فقال : إن كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامهم ، وكف شرهم الذي لا يمكن إلا بتعزيتهم ، فهو جائز وإلا كان حراماً . والراجح أنه إن كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً وإلا فينظر في المصلحة. المسألة الثالثة (1): حضور أعيادهم ومشاركتهم أفراحهم ، فإن كانت أعياداً دينية كعيد الميلاد فحضورها حرام بلا ريب قال ابن القيم - رحمه الله -: لا يجوز الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم. والله الموفق. (357) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم استئجار قارئ ليقرأ القرآن الكريم على روح الميت؟ فأجاب بقوله : هذا من البدع وليس فيه أجر لا للقارئ ولا للميت ، ذلك لأن القارئ إنما قرأ للدنيا والمال فقط وكل عمل صالح يقصد به الدنيا فإنه لا يقرب إلى الله ولا يكون فيه ثواب عند الله، وعلى هذا فيكون هذا العمل - يعني استئجار شخص ليقرأ القرآن الكريم على روح الميت - يكون هذا العمل ضائعاً ليس فيه سوى إتلاف المال على الورثة فليحذر منه فإنه بدعة ومنكر. (358) وسئل - حفظه الله تعالى- : عن حكم المآتم ؟ فأجاب قائلاً :المآتم كلها بدعة سواء كانت ثلاثة أيام ، أو على أسبوع ، أو على أربعين يوماً، لأنها لم ترد من فعل السلف الصالح - رضي الله عنهم - ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، ولأنها إضاعة مال ، وإتلاف وقت وربما يحصل فيها شيء من المنكرات من الندب والنياحة ما يدخل في اللعن فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن النائحة والمستمعة. ثم إنه إن كان من مال الميت - من ثلثه أعني - فإنه جناية عليه لأنه صرف له في غير الطاعة ، وإن كان من أموال الورثة فإن كان فيهم صغار أو سفهاء لا يحسنون التصرف فهو جناية عليهم أيضاً ، لأن الإنسان مؤتمن في أموالهم فلا يصرفها إلا فيما ينفعهم ، وإن كان لعقلاء بالغين راشدين فهو أيضاً سفه ، لأن بذل الأموال فيما لا يقرب إلى الله أو لا ينتفع به المرء في دنياه من الأمور التي تعتبر سفهاً ،ويعتبر بذل المال فيها إضاعة له وقد نهى النبي، صلى الله عليه وسلم ، عن إضاعة المال ، والله ولي التوفيق . (359) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التلاوة لروح الميت ؟ فأجاب قائلاً : التلاوة لروح الميت يعني أن يقرأ القرآن وهو يريد أن يكون ثوابه لميت من المسلمين هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم على قولين : القول الأول: أن ذلك غير مشروع وأن الميت لا ينتفع به أي لا ينتفع بالقرآن في هذه الحال. القول الثاني: أنه ينتفع بذلك وأنه يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن بنية أنه لفلان أو فلانة من المسلمين، سواء كان قريباً أو غير قريب. والراجح : القول الثاني لأنه ورد في جنس العبادات جواز صرفها للميت ، كما في حديث سعد ابن عبادة - رضي الله عنه - حين تصدق ببستانه لأمه ، وكما في قصة الرجل الذي قال للنبي ،صلى الله عليه وسلم :إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها؟ قال النبي ،صلى الله عليه وسلم: (نعم) وهذه قضايا أعيان تدل على أن صرف جنس العبادات لأحد من المسلمين جائز وهو كذلك ، ولكن أفضل من هذا أن تدعو للميت ، وتجعل الأعمال الصالحة لنفسك لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : وإني بهذه المناسبة أوجه نصيحة لإخواني الذين يعتادون مثل هذا العمل أن يحفظوا أموالهم لأنفسهم أو لورثة الميت ، وأن يعلموا أن هذا العمل بدعة في ذاته ، وأن الميت لا يصل إليه ثوابه وحينئذٍ يكون أكلاً للأموال بالباطل ولم ينتفع الميت بذلك. (360) وسئل أيضاً: عن حكم الاجتماع عند القبر والقراءة؟ وهل ينتفع الميت بالقراءة أم لا؟ فأجاب بقوله : هذا العمل من الأمور المنكرة التي لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وهو الاجتماع عند القبر والقراءة. وأما كون الميت ينتفع بها فنقول: إن كان المقصود انتفاعه بالاستماع فهذا منتفٍ ، لأنه قد مات وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : وأما إن كان المقصود انتفاع الميت بالثواب الحاصل للقارئ ، بمعنى أن القارئ ينوي بثوابه أن يكون لهذا الميت ، فإذا تقرر أن هذا من البدع فالبدع لا أجر فيها (361) وسئل فضيلة الشيخ - حفظه الله تعالى-: عن حكم إهداء القراءة للميت؟ . فأجاب بقوله : هذا الأمر يقع على وجهين : أحدهما : أن يأتي إلى قبر الميت فيقرأ عنده ، فهذا لا يستفيد منه الميت ؛ لأن الاستماع الذي يفيد من سمعه إنما هو في حال الحياة حيث يكتب للمستمع ما يكتب للقارئ ،وهنا الميت قد انقطع عمله كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم: الوجه الثاني : أن يقرأ الإنسان القرآن الكريم تقرباً إلى الله - سبحانه وتعالى - ويجعل ثوابه لأخيه المسلم أو قريبه فهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم: فمنهم من يرى أن الأعمال البدنية المحضة لا ينتفع بها الميت ولو أهديت له ؛ لأن الأصل أن العبادات مما يتعلق بشخص العابد ، لأنها عبارة عن تذلل وقيام بما كلف به وهذا لا يكون إلا للفاعل فقط ، إلا ما ورد النص في انتفاع الميت به فإنه حسب ما جاء في النص يكون مخصصاً لهذا الأصل. ومن العلماء من يرى أن ما جاءت به النصوص من وصول الثواب إلى الأموات في بعض المسائل ، يدل على أنه يصل إلى الميت من ثواب الأعمال الأخرى ما يهديه إلى الميت. ولكن يبقى النظر هل هذا من الأمور المشروعة أو من الأمور الجائزة بمعنى هل نقول : إن الإنسان يطلب منه أن يتقرب إلى الله- سبحانه وتعالى - بقراءة القرآن الكريم ، ثم يجعلها لقريبه أو أخيه المسلم ، أو أن هذا من الأمور الجائزة التي لا يندب إلى فعلها . الذي نرى أن هذا من الأمور الجائزة التي لا يندب إلى فعلها وإنما يندب إلى الدعاء للميت والاستغفار له وما أشبه ذلك مما نسأل الله- تعالى - أن ينفعه به، وأما فعل العبادات وإهداؤها فهذا أقل ما فيه أن يكون جائزاً فقط وليس من الأمور المندوبة ، ولهذا لم يندب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أمته إليه بل أرشدهم إلى الدعاء للميت فيكون الدعاء أفضل من الإهداء.
|